كثيرًا ما ننشغل بالأفعال والنتائج، ونقيس النجاح بما تحقق ماديًا أو ظاهريًا. لكننا نغفل جانبًا جوهريًا لا يُقاس بسهولة: النية. ما الذي دفعنا لنفعل ما فعلناه؟ وما الغرض الحقيقي خلف قراراتنا؟
النية هي البوصلة الخفية التي توجه أفعالنا حتى وإن لم نشعر. قد يقوم شخصان بنفس الفعل، لكن نية كلٍّ منهما تجعل المعنى مختلفًا تمامًا. فأن تساعد شخصًا بدافع الرياء ليس كأن تساعده بدافع الرحمة. وأن تعمل لهدف نبيل ليس كأن تعمل بدافع الحسد أو الانتقام.
النية ليست فقط مسألة دينية أو روحية، بل هي عنصر فعّال في جودة حياتنا وعلاقاتنا. فحين تكون نيتك صافية، تشعر براحة داخلية حتى وإن لم تتحقق النتائج كما أردت. أما إن كانت نيتك مشوّشة أو أنانية، فقد تُحقق النجاح، لكنك لن تشعر بالسلام.
وليس المطلوب أن تكون نيتك مثالية طوال الوقت. بل أن تتعلّم مراقبتها، وأن تسأل نفسك بصدق: لماذا أفعل هذا؟ هل لأُثبت شيئًا؟ هل لأُرضي غيري؟ أم لأنني أؤمن بما أفعل؟
النوايا هي الجذور، والنتائج هي الثمار. وإن كانت الجذور ضعيفة أو فاسدة، فلا تنتظر ثمارًا ناضجة.
ابدأ من الداخل. قوّم نواياك قبل أن تُخطط لأفعالك. فالنية الصافية تُعطيك طاقة صادقة، توجهك نحو طرق أكثر اتزانًا وصدقًا، وتمنحك قوة حقيقية لا تعتمد على تصفيق الناس، بل على رضاك عن ذاتك.